فصل: علم طبقات الحنفية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أبجد العلوم (نسخة منقحة)



.علم الصيدلية:

من فروع علم الطب وهو علم يبحث فيه عن تمييز المتشابهات من أشكال النباتات من حيث أنها صينية أو هندية أو رومية وعن معرفة زمانها صيفية أو خريفية وعن تمييز جيدها عن الردي وعن معرفة خواصها.
والغرض والفائدة منه ظاهران لمن تأمل.
والفرق بينه وبين علم النباتات: أن علم الصيدلية باحث عن تمييز أحوالها أصالة وعلم النباتات باحث عن خواصها أصالة والأول أشبه للعمل والثاني أشبه للعلم وكل منهما مشترك بالآخر كذا في مدينة العلوم وغيرها.
ومن الكتب الجديدة فيه: كتاب عمدة المطببين المعروف بالأقراباذين للشيخ منصور أحمد أفندي ترجمه من الفرنساوية وأفرغه في القوالب العربية وطبع بمصر القاهرة في سنة 1283 للهجرية في عهد إسماعيل باشا مصر قال فيه:
علم الصيدلية أي: علم الأقراباذين علم يبحث فيه عن جمع وانتخاب الجواهر الدوائية وتحضيرها ومزجها وتهيئتها للاستعمال الطبي بقطع النظر عن الظواهر الكيماوية التي قد تظهر مدة هذه العمليات انتهى.
وقد وقفت على هذا الكتاب ووجدته أنفس الكتب المؤلفة في هذا الباب ولله الحمد حمدا كثيرا.

.علم الصيفي والشتائي:

من فروع التفسير وموضوعه وغايته ومنفعته ظاهرة للناظرين.
قال الواحدي: أنزل الله- سبحانه وتعالى- في الكلالة آيتين: إحداهما وهي التي في أول النساء في الشتائي والأخرى وهي التي في آخرها الصيفي ومن الصيفي: فأنزل في حجة الوداع كأول المائدة وقوله: {اليوم أكملت لكم دينكم واتقوا يوما ترجعون فيه} وآية الدين وسورة النصر والآيات التي في غزوة الخندق.

.باب الضاد المعجمة:

.علم ضروب الأمثال:

قال الميداني: إن عقود الأمثال يحكم بأنها عديمة أشباه وأمثال تتحلى بفرائدها صدور المحافل والمحاضر ويتسلى بفوائدها قلب البادي والحاضر وتفيدوا بها في بطون الدفاتر والصحائف وتطير نواهضها في رؤوس الشواهق وظهور المنائف ويحتاج الخطيب والشاعر إلى إدماجها وإدراجها لاشتمالها على أساليب الحسن والجمال وكفى جلالة قدرها أن كتاب الله- سبحانه وتعالى- لم يعر من وشاحها وإن كلام نبيه صلى الله عليه وسلم لم يخل في إيراده وإصداره من مثل يحوز قصب السبق في حلبة الإيجاز وأمثال التنزيل كثيرة.
وأما الكلام النبوي من هذا الفن فقد صنف العسكري فيه كتابا برأسه من أوله إلى آخره ومن المعلوم أن الأدب سلم إلى معرفة العلوم به يتوصل إلى الوقوف عليها ومن يتوقع الوصول إليها غير أن له مسالك ومدارج ولتحصيله مراقي ومعارج وإن أعلى تلك المراقي وأقصاها وأوعر تلك المسائل أعصاها هذه الأمثال الواردة كل مرتضع در الفصاحة يافعا ووليدا فينطق بما يعبر عنها حشوا في ارتقاء معارج البلاغة.
ولهذا السبب خفي أثرها وظهر أقلها ومن حام حول حماها علم أن دون الوصول إليها أحرق من خرط القتاد وأن لا وقوف عليها إلا للكامل المعتاد كالسلف الماضيين الذي نظموا من شملها ما تشتت وجمعوا من أمرها ما تفرق فلم يبقوا في قوس الإحسان منزعا.

.علم الضعفاء والمتروكين في رواة الحديث:

صنف فيه الإمام محمد بن إسماعيل البخاري المتوفى بخرتنك سنة ست وخمسين ومائتين يرويه عنه أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد الدولابي وأبو جعفر شيخ ابن سعيد وآدم بن موسى الجفاري وهو من تصانيفه الموجودة قاله الحافظ ابن حجر والإمام عبد الرحمن بن أحمد النسائي والإمام حسن بن محمد الصنعاني وأبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي المتوفى سنة سبع وتسعين وخمسمائة. قال الذهبي في ميزان الاعتدال: إنه يسرد الجرح ويسكت من التوثيق وقد اختصره ثم ذيله كما قال.
وذيله أيضا: علاء الدين مغلطائي بن قليج المتوفى سنة اثنتين وستين وسبعمائة.
وصنف فيه علاء الدين علي بن عثمان المارديني المتوفى سنة خمسين وسبعمائة.
وصنف فيه محمد بن حيان البستي ووضع له مقدمة قسم فيها الرواة إلى نحو عشرين قسما ذكره البقاعي في حاشية شرح الألفية.

.باب الطاء المهملة:

.علم الطب:

هو: علم يبحث فيه عن بدن الإنسان من جهة ما يصح ويمرض لحفظ الصحة وإزالة المرض.
قال جالينوس: الطب حفظ الصحة وإزالة العلة.
وموضعه: بدن الإنسان من حيث الصحة والمرض.
ومنفعته: لا تخفى وكفى بهذا العلم شرفا وفخرا أقوال الإمام الشافعي: العلم علمان: علم الطب للأبدان وعلم الفقه للأديان.
ويروى عن علي كرم الله وجهه: العلوم خمسة:
الفقه للأديان والطب للأبدان والهندسة للبنيان والنحو للسان والنجوم للزمان ذكره في مدينة العلوم.
قال في كشاف اصطلاحات الفنون: وموضوع الطب: بدن الإنسان وما يشتمل عليه من الأركان والأمزجة والأخلاط والأعضاء والقوى والأرواح والأفعال وأحواله من الصحة والمرض وأسبابهما من المآكل والمشرب والأهوية المحيطة بالأبدان والحركات والسكنات والاستفراغات والاحتقانات والصناعات والعادات والواردات الغريبة والعلامات الدالة على أحواله من ضرر أفعاله وحالات بدنه وما يبرز منه والتدبير بالمطاعم والمشارب واختيار الهواء وتقدير الحركة والسكون والأدوية البسيطة والمركبة وأعمال اليد لغرض حفظ الصحة وعلاج الأمراض بحسب الإمكان انتهى.
قال: وعلم الطب من فروع الطبعي وهو: علم بقوانين تتعرف منها أحوال أبدان الإنسان من جهة الصحة وعدمها لتحفظ حاصلة وتحصل غير حاصلة ما أمكن وفوائد القيود ظاهرة وهذا أولى ممن قال من جهة ما يصح ويزول عنه الصحة فإنه يرد عليه: إن الجنين غير الصحيح من أول الفطرة لا يصح عليه أنه زال عن الصحة أو صحته زائلة كذا في السديدي شرح الموجز فالمراد هنا بالعلم: التصديق بالمسائل ويمكن أن يراد به الملكة أي: ملكة حاصلة بقوانين... الخ.
وفي شرح القانوجه هو: علم بأحوال بدن الإنسان وما يتركب منه من حيث الصحة والمرض انتهى.
اعلم: أن تحقيق أول حدوث الطب عسير لبعد العهد واختلاف آراء القدماء فيه وعدم المرجح فقوم يقولون بقدمه والذين يقولون بحدوث الأجسام يقولون بحدوثه أيضا وهم فريقان:
الأول: يقول أنه خلق مع الإنسان.
والثاني: وهم الأكثر يقول: إنه مستخرج بعده إما بإلهام من الله- سبحانه وتعالى- كما هو مذهب بقراط وجالينوس وجميع أصحاب القياس وإما بتجربة من الناس كما ذهب إليه أصحاب التجربة والحيل وثاسلس المغالط وفنين وهم مختلفون في الموضع الذي به استخرج وبماذا استخرج.
فبعضهم يقول: إن أهل مصر استخرجوه ويصححون ذلك من الدواء المسمى بالرأس.
وبعضهم يقول: إن هرمس استخرجه مع سائر الصنائع.
وبعضهم يقول: أهل تونس.
وقيل: أهل سوريا وأفروجيا وهم أول من استخرج الزمر أيضا وكانوا يشفون بالألحان والإيقاعات آلام النفس.
وقيل: أهل قو وهي الجزيرة التي كان بها بقراط وآباؤه وذكر كثير من القدماء: أنه ظهر في ثلاث جزائر إحداها: رودس والثانية: تسمى: قندس والثالثة: قو.
وقيل: استخرجه الكلدانيون.
وقيل: استخرجه السحرة من اليمن.
وقيل: من بابل.
وقيل: فارس.
وقيل: استخرجه الهند.
وقيل: الصقالبة.
وقيل: أقريطش.
وقيل: أهل طور سينا.
والذين قالوا بإلهام يقول بعضهم: هو إلهام بالرؤيا واحتجوا بأن جماعة رأوا في الأحلام أدوية استعملوها في اليقظة فشفتهم من أمراض صعبة وشفت كل من استعملها.
وبعضهم يقول: بإلهام من الله- سبحانه وتعالى- بالتجربة.
وقيل: إن الله- سبحانه وتعالى- خلق الطب لأنه لا يمكن أن يستخرجه عقل إنسان وهو رأي جالينوس فإنه قال كما نقله عنه صاحب عيون الأنباء.
وأما نحن فالأصوب عندنا أن نقول: إن الله- سبحانه وتعالى- خلق صناعة الطب وألهمها الناس وهو أجل من أن يدرجه العقل لأنا نجد الطب أحسن من الفلسفة التي يرون أن استخراجها كان من عند الله- سبحانه وتعالى- بإلهام منه للناس فوجود الطب بوحي وإلهام من الله- سبحانه وتعالى-.
قال ابن أبي صاد في آخر شرحه لمسائل حنين: وجدت الناس في قديم الزمان لم يكونوا يقنعون من هذا العلم دون أن يحيطوا علما بجل أجزائه وبقوانين طرق القياس والبرهان التي لا غنى لشيء من العلوم عنها ثم لما تراجعت الهمم عن ذلك أجمعوا على أنه لا غنى لمن يزاول هذا العلم من أحكام ستة عشر كتابا لجالينوس كان أهل الإسكندرية لخصوها لنقبائها المتعلمين ولما قصرت الهمم بالمتأخرين عن ذلك أيضا وظف أهل المعرفة على من يقنع من الطب بأن يتعاطاه دون أن يتمهر فيه أن يحكم ثلاث كتب من أصوله.
أحدها: مسائل حنين.
والثاني: كتاب الفصول لبقراط.
والثالث: أحد الكناشتين الجامعتين للعلاج وكان خيرها كناش ابن سرافيون.
وأول من شاع عنه الطب إسقلنينوس عاش تسعين سنة منها وهو صبي وقبل أن تصح له القوة الإلهية خمسون سنة وعالما معلما أربعون سنة وخلف ابنين ماهرين في الطب وعهد إليهما أن لا يعلما الطب إلا لأولادهما وأهل بيته وعهد إلى من يأتي بعده كذلك.
وقال ثابت: كان في جميع المعمور لإسقلنينوس اثنا عشر ألف تلميذ وإنه كان يعلم مشافهة وكان آل إسقلنينوس يتوارثون صناعة الطب إلى أن تضعضع الأمر في الصناعة على بقراط ورأى أن أهل بيته وشيعته قد قلوا ولم يأمن أن تنقرض الصناعة فابتدأ في تأليف الكتب على جهة الإيجاز.
قال علي بن رضوان: كانت صناعة الطب قبل بقراط كنزا وذخيرة يكنزها الآباء ويدخرونها للأبناء وكانت في أهل بيت واحد منسوب إلى إسقلنينوس وهذا الاسم اسم لملك بعثه الله- سبحانه وتعالى- يعلم الناس الطب أو اسم قوة الله تعالى علمت الناس الطب.
وكيف كان فهو أول من علم صناعة الطب ونسب المعلم الأول إليه على عادة القدماء في تسمية المعلم أبا للمتعلم وتناسل من المعلم الأول أهل هذا البيت المنسوبون إلى إسقلنينوس وكان ملوك اليونان والعظماء منهم ولم يكونوا غيرهم من تعلم الطب وكان تعليمهم إلى أبنائهم. فيفسر ذلك اللغز للابن وكان الطب في الملوك والزهاد فقط يقصدون به الإحسان إلى الناس من غير أجرة ولم يزل ذلك إلى أن نشأ بقراط من أهل قو ودمقراط من أهل إيديرا وكانا متعاصرين.
أما دمقراط فتزهد وأما بقراط فعمد إلى أن دونه بإغماض في الكتب خوفا على ضياعه وكان له ولدان: ثاسالوس ودراقر وتلميذ وهو: قولونس فعلمهم ووضع عهدا وناموسا ووصية عرف منها جميع ما يحتاج إليه الطبيب في نفسه.
وعبارة مدينة العلوم: إن أول من دون علم الطب بقراط ثم ظهر من بعده جالينوس من مدينة فرغاموس من أرض اليونانيين ولا أعلم بعد أرسطاطاليس أعلم بالطبعي من هذين بقراط وجالينوس وظهر جالينوس بعد ستمائة وخمس وستين سنة من وفاة بقراط وبينه وبين المسيح سبع وخمسون سنة المسيح أقدم منه.
واعلم: أن من وفاة جالينوس إلى هذا التاريخ- وهو ثمان وأربعون وتسعمائة سنة من هجرة نبينا صلى الله عليه وسلم-: ألف وأربعمائة وستة وسبعون سنة تقريبا.
ومن مشاهير العلماء في الطب: محمد بن زكريا أبو بكر الرازي ألف كتبا كثيرة في الطب.
ومن الكتب المختصرة النافعة غاية النفع المباركة للطلاب كتاب الموجز لابن النفيس المصري ومن المبسوطة: القانون لابن سينا وعليه شرح لابن النفيس وللعلامة الشيرازي انتهى. حاصله.
قلت: يحتاج القانون إلى إصلاح عبارة وتلخيص وتهذيب فقد أطال فيه وجاء بعبارات سخيفة بشعة كما لا يخفى على الماهر فيه. ومن الكتب الجديدة التأليف: كتاب الحكيم أحمد بن حسن أفندي الرشيدي المطبوع بمصر القاهرة سماه بعمدة المحتاج في علمي الأدوية والعلاج ألفه باسم إسماعيل باشا مصر وهو في أجزاء جمعه من المؤلفات العربية والإفرنجية وله كتاب بهجة الرؤساء في علاج أمراض النساء طبع بمصر القاهرة في سنة 1260، ألفه باسم محمد علي باشا وأفاد وأجاد. وله كتاب نزهة الإقبال في مداواة الأطفال وهو مجلد كبير طبع بمصر في سنة 1261 الهجرية باسم محمد علي باشا أيضا.
ومن الكتب الجديدة كتاب المنحة في سياسة حفظ الصحة للحكيم الأجل محمد الهراوي طبع بمصر في سنة 1249، ترجمة من الفرنساوي إلى العربي وهو مجلد متوسط.
والكتب المؤلفة في هذا العلم كثيرة جدا ذكرها ملا كاتب الجلبي في كشف الظنون على ترتيب حروف الأعجام.
وأما الذي في مقدمة ابن خلدون فنصه هكذا: ومن فروع الطبيعيات: صناعة الطب وهي صناعة تنظر في بدن الإنسان من حيث يمرض ويصح فيحاول صاحبها حفظ الصحة وبرء المرض بالأدوية والأغذية بعد أن يتبين المرض الذي يخص كل عضو من أعضاء البدن وأسباب تلك الأمراض التي تنشأ عنها وما لكل مرض من الأدوية مستدلين على ذلك بأمزجة الأدوية وقواها على المرض بالعلامات المؤذنة بنضجه وقبوله الدواء أولا: في السجية والفضلات والنبض محاذين لذلك قوة الطبيعة فإنها المدبرة في حالتي الصحة والمرض.
وإنما الطبيب يحاذيها ويعينها بعض الشيء بحسب ما تقتضيه طبيعة المادة والفصل والسن ويسمى العلم الجامع لهذا كله: علم الطب. وربما أفردوا بعض الأعضاء بالكلام وجعلوه علما خاصا كالعين وعللها وأكحالها.
وكذلك ألحقوا بالفن من منافع الأعضاء ومعناها المنفعة التي لأجلها خلق كل عضو من أعضاء البدن الحيواني وإن لم يكن ذلك من موضوع علم الطب إلا أنهم جعلوه من لواحقه وتوابعه.
وإمام هذه الصناعة التي ترجمت كتبه فيها من الأقدمين: جالينوس.
يقال: إنه كان معاصرا لعيسى- عليه السلام- ويقال: إنه مات بصقلية في سبيل تغلب ومطاوعة اغتراب وتأليفه فيها هي الأمهات التي اقتدى بها جميع الأطباء بعده.
وكان في الإسلام في هذه الصناعة أئمة جاؤوا من وراء الغاية مثل: الرازي والمجوسي وابن سينا.
ومن أهل الأندلس أيضا كثير وأشهرهم: ابن زهر وهي لهذا العهد في المدن الإسلامية كأنها نقصت لوقوف العمران وتناقصه وهي من الصنائع التي لا تستدعيها إلا الحضارة والترف.
قف: وللبادية من أهل العمران طب يبنونه في غالب الأمر على تجربة قاصرة على بعض الأشخاص متوارثا عن مشائخ الحي وعجائزه وربما يصح منه البعض إلا أنه ليس على قانون طبيعي ولا على موافقة المزاج وكان عند العرب من هذا الطب كثير وكان فيهم أطباء معروفون كالحارث بن كلدة وغيره.
والطب المنقول في الشرعيات من هذا القبيل وليس من الوحي في شيء وإنما هو أمر كان عاديا للعرب ووقع في ذكر أحوال النبي صلى الله عليه وسلم من نوع ذكر أحواله التي هي عادة وجبلة لا من جهة أن ذلك مشروع على ذلك النحو من العمل فإنه صلى الله عليه وسلم إنما بعث ليعلمنا الشرائع ولم يبعث لتعريف الطب ولا غيره من العاديات وقد وقع له في شأن تلقيح النخل ما وقع فقال: «أنتم أعلم بأمور دنياكم».
فلا ينبغي أن يحمل شيء من الطب الذي وقع في الأحاديث الصحيحة المنقولة على أنه مشروع فليس هناك ما يدل عليه اللهم إلا إذا استعلم على جهة التبرك وصدق العقد الإيماني فيكون له أثر عظيم في النفع وليس ذلك في الطب المزاجي وإنما هو من آثار الكلمة الإيمانية كما وقع في مداواة المبطون بالعسل والله الهادي إلى الصواب لا رب سواه.

.علم الطب الشرعي:

قال في المنحة في سياسة حفظ الصحة: هو المعارف الطبية والطبيعية المستعملتان في الأحكام الواقعة بين الناس في المحاكم فمن ذلك يعلم أن تسميته بالطب الشرعي اصطلاح إفرنجي وحقه أن يسمى بالطب المحكمي ولذا سميناه بذلك في جميع ما يأتي.
وهو فن به يهتدي أرباب المحاكم لما يناط بها من القضايا فيعرف كل من تصدر عنه حكومة كيف تكوين الحكومات والتراتيب القانوينة التي غايتها استراحة شعبه واطمئنانه وبه يهتدي القضاة لإدراك الأشياء التي تفعل على خلاف الشرع ولمعرفة الجاني وخلاص البريء المتهم ظلما بل ولمعرفة أحكام المشاجرات المدنية الواقعة في غير الجنايات أيضا وكل من القاضي ومن تصدر عنه الحكومة من حيث أنه غير عارف للأشياء التي تكون المعارف الطبية واسطة للاهتداء إليها محتاج للالتجاء للطبيب المحكمي ليهتدي به في فعل ما هو نافع للشعب حتى لا يحكم على إنسان بأنه مذنب بغير حق.
وعلى الطبيب الذي يدعوه الحاكم لواقعة حكمية أن يحرر تقريرا بما يراه ليكون أساسا للحاكم يحكم بموجبه ومما تقدم من تفسير الطب المحكمي وما يتفرع عليه يعلم أن منفعته ليست قاصرة على تحرير التقارير التي يكتبها الطبيب بما يظهر له حين الكشف عن شيء ليتنور بذلك الحاكم فقط بل أعظم منافع هذا العلم أنه يلزم الناس باستعمال الرئيس من المعارف الطبية وما يتبعها في تكوين أحكام المشاجرات الواقعة أمام الحكام ومسائلها وسواء في الجنايات وغيرها.
وفوائد الطب المحكمي لا حصر لها إذ لا توجد حركة من حركات الإنسان في مدة معيشته مع الناس بدون أن يستدعي ذلك الطب الموجود في جميع الأماكن في كل الأزمان فهو أول الفنون الحكمية وأفضلها لأن غاية استراحة الناس واطمئنانهم وأساس المعارف الطبية المستعملة في الطب المحكمي استخراج ما هو أكثر تعلقا بالقضايا المحكمية من تلك المعارف أو ترتيبه وجعله طريقا ومذهبا يتبع ونظن أنه لا يوجد شيء تستفاد منه قواعد كلية بما يستعمل في المحاكم من المعارف الطبية أقرب من التفتيش في الفنون المحتوية على تلك المعارف.

.علم طب النبي صلى الله عليه وسلم:

وهو علم باحث عن الطب الذي ورد في الأحاديث النبوية الذي داوى به المرضى وفيه الطلب البتوني لأبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني المتوفى سنة اثنين وثلاثين وأربعمائة ولجلال الدين عبد الرحمن السيوطي المتوفى سنة إحدى عشرة وتسعمائة أوله:
الحمد لله الذي أعطى كل نفس خلقها وهو مرتب على ثلاثة فنون:
الأول: في قواعد الطب.
الثاني: في الأدوية والأغذية.
الثالث: في علاج الأمراض.
وكتب أبو الحسن علي بن موسى الرضا للمأمون رسالة مشتملة عليه والحبيب النيسابوري جمعه أيضا وابن السني وعبد الملك بن حبيب ولابن طرخان تصنيف في هذا الفن وكذا للإمام المستغفري ونفع هذا العلم لا يخفى على أحد فليتذكره.

.علم طبخ الأطعمة والشربة والمعاجين:

هو علم يعرف به كيفية تركيب الأطعمة اللذيذة النافعة بحسب الأمزجة المتخالفة وكيفية تركيب المركبات الدوائية من جهة الوزن والوقت والتقديم والتأخير وفي المزج ومعرفة ما يسحق منه وما يذاب وكيفية ضبطه في الظروف ومعرفة بقاء نفعه وبطلان فائدته إلى غير ذلك من الأحوال التي يعرفها من يزاولها وهو من فروع الطب. غير طبخ الأطعمة.

.علم الطبقات:

أي طبقات كل صنف من أهل العلم كالأدباء والأصوليين والأطباء والأولياء والبيانيين والتابعين والحفاظ والحكماء والحنفية والحنابلة والمالكية والشافعية والمفسرين والمحدثين والخطاطين والرواة والخواص والشعراء والصحابة والمجتهدين والصوفية والطالبين والأمم والعلوم والفرسان والعلماء والقرضيين والفقهاء ورؤساء الزمن والقراء والنحاة واللغويين والمتكلمين والمعبرين والمعتزلين والممالك والنسابين والنساك إلى غير ذلك.
وفي كل من هذا كتب مستقلة تكفلت لبيان طبقة من تلك الطبقات قال في مدينة العلوم:

.علم طبقات القراء:

هو عمل يذكر فيه القراء السبعة بل العشرة بل الثلاثة عشر بل الخمسة عشر ورواة هؤلاء وغير ذلك من الشيوخ والمصنفين في هذا العلم ويذكر فيه أيضا قراء الصحابة والتابعين وتبع تابعيهم إلى هذا الآن وطبقات الحافظ الذهبي تصنيف مفيد في هذا العلم ولا أجمع ولا أنفع من طبقات الشيخ الجزري رحمه الله تعالى.

.علم طبقات المفسرين:

هو من فروع التواريخ أيضا فيه المجلدات الكبار للعلماء رحمهم الله تعالى.

.علم طبقات المحدثين:

من فروع التواريخ أيضا وفيها المصنفات العظام.

.علم طبقات الشافعية:

صنف فيها ابن السبكي الكبرى والصغرى وأطنب فيها وأجمع وأوعب كل من انتسب إلى مذهب الشافعية وقد اشتمل على فوائد لا تكاد توجد في كتاب.

.علم طبقات الحنفية:

صنف فيها العلماء مثل الجواهر المضيئة في طبقات الخفية ومثل مختصر قاسم بن قطلوبغا سماه تاج التراجم وهو كان في الباب مع اشتمالها على المهمات.

.علم طبقات المالكية:

صنف فيها ابن فرحون برهان الدين إبراهيم المتوفى سنة تسع وتسعين وسبعمائة سماه الديباج المذهب في علماء المذاهب.

.علم طبقات الحنابلة:

صنف فيه ابن رجب الحنبلي وقد وقفت عليه في مكة المكرمة زادها الله سبحانه وتعالى شرفا.

.علم طبقات النحاة:

صنف فيه كثيرون مثل ياقوت الحموي ومجد الدين الشيرازي وصلاح الدين الصفدي وجلال الدين عبد الرحمن السيوطي وغيرهم من العلماء.

.علم طبقات الحكماء:

قد اعتنى بذلك كثيرون منهم الصاعد الذي من مشاهير الحكماء وصنف فيه كتاب صوان الحكمة ورأيته في عنفوان الشباب وهو كتاب لطيف لكني نسيت اسم مؤلفه.

.علم طبقات الأطباء:

قد صنف في ذلك العلماء ورأيت في هذا العلم كتابا موسوما بعيون الأنباء في طبقات الأطباء.
وطبقات هؤلاء المذكورين من فروع علم التواريخ وموضوع كل منها وغايتها ومنفعتها ظاهرة على من تتبع تلك العلوم.
قلت قد قصر همم أبناء الزمان عن إدراك هذه العلوم وهي مما يحتاج إليه العالم والعاقل في كل وقت وما أشد حاجة المحدثين إلى ذلك لكن طمست آثار كتبها واندرست معالم زبرها فلا يوجد منه إلا كتاب وأحد في بعض البلاد وعند أفراد من أهل العلم والله الموفق للصواب.

.علم الطبعي:

هو علم يبحث فيه عن أحوال الأجسام الطبعية وموضوعه الجسم ويسمى أيضا بالعلم الأدنى وبالعلم الأسفل وهو علم بأحوال ما يفتقر إلى المادة في الوجودين.
وموضوعه الجسم الطبعي من حيث إن يستعد للحركة والسكون.
وفي إرشاد القاصد للشيخ الأكفاني السخاوي العلم الطبعي: علم يبحث فيه عن أحوال الجسم المحسوس من حيث هو معرض للتغير في الأحوال والثبات فيها.
فالجسم من هذه الحيثية موضوعه.
وأما العلوم التي تفرع عليه وتنشأ منه فهي عشرة.
وذلك لأن نظره إما أن يكون فيما يفرع على الجسم البسيط أو الجسم المركب أو ما يعمهما.
والأجسام البسيطة:
أما الفلكية فأحكام النجوم.
وأما العنصرية فالطلسمات.
والأجسام المركبة أما ما لا يلزمه مزاج وهو: علم السيميا.
وما يلزمه مزاج فإما بغير ذي نفس فالكيمياء أو بذي نفس.
فأما غير مدركة فالفلاحة.
وأما مدركة فأما لها مع ذلك أن يعقل أولا الثاني البيطرة والبيزرة وما يجري مجراهما.
والذي بذي النفس العاقلة هو الإنسان وذلك إما في حفظ صحته واسترجاعها وهو الطب أو أحواله الظاهرة الدالة على أحواله الباطنة وهو الفراسة أو أحوال نفسه حال غيبته عن حسه وهو تعبير الرؤيا والعام للبسيط والمركب السحر انتهى.
وأصول الطبعي ثمانية:
الأول: العلم بأحوال الأمور العامة للأجسام.
الثاني: العلم بأركان العالم وحركاتها وأماكنها المسمى بعلم السماء والعالم.
الثالث: العلم بكون الأركان وفسادها.
الرابع: العلم بالمركبات الغير التامة لكائنات الجو.
الخامس: العلم بأحوال المعادن.
السادس: العلم بالنفس النباتية.
السابع: العلم بالنفس الحيوانية.
الثامن: العلم بالنفس الناطقة.
قال ابن خلدون: هو علم يبحث عن الجسم من جهة ما يلحقه من الحركة والسكون فينظر في الأجسام السماوية والعنصرية وما يتولد عنها من حيوان وإنسان ونبات ومعدن وما يتكون في الأرض من العيون والزلازل وفي الجو من السحاب والبخار والرعد والبرق والصواعق وغير ذلك وفي مبدأ الحركة للأجسام وهو النفس على تنوعها في الإنسان والحيوان والنبات.
وكتب أرسطو فيه موجودة بين أيدي الناس مع ما ترجم من علوم الفلسفة أيام المأمون وألف الناس على حذوها.
وأوعب من ألف في ذلك ابن سينا في كتاب الشفا جمع فيه العلوم السبعة للفلاسفة.
ثم لخصه في كتاب النجاة.
وفي كتاب الإشارات وكأنه يخالف أرسطو في الكثير من مسائلها ويقول برأيه فيها وأما ابن رشد فلخص كتب أرسطو وشرحها متبعا له غير مخالف وألف الناس في ذلك كثيرا لكن هذه هي المشهورة لهذا العهد والمعتبرة في الصناعة.
ولأهل المشرق عناية بكتاب الإشارات لابن سينا وللإمام ابن الخطيب عليه شرح حسن وكذا الآمدي وشرحه أيضا نصير الدين الطوسي المعروف بخواجه من أهل المشرق وبحث مع الإمام في كثير من مسائله فأوفى على أنظاره وبحوثه وفوق كل ذي علم عليم والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.